مجاعة عالمية مرتقبة.. برنامج الأغذية العالمي يطلق نداءً لإنقاذ ملايين الأرواح

مجاعة عالمية مرتقبة.. برنامج الأغذية العالمي يطلق نداءً لإنقاذ ملايين الأرواح
تحذيرات من مجاعة عالمية- أرشيف

حذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من أزمة تمويل غير مسبوقة تهدد بحدوث كارثة إنسانية واسعة النطاق في عدد من الدول التي تمزقها النزاعات والحروب، مؤكداً أن العجز المتفاقم في التمويل يعرّض حياة الملايين لخطر المجاعة وسوء التغذية الحاد، ويقوّض قدرة المنظمات الإنسانية على مواصلة عملياتها الحيوية.

أكّد البرنامج، في تقرير جديد، الأحد، أن نقص التمويل بات يهدد ست عمليات إنسانية رئيسية حول العالم، ما ينذر بحرمان ملايين الأشخاص من المساعدات الغذائية التي تُعد شريان حياة أساسيا في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والنزاعات المسلحة.

وقالت المديرة التنفيذية للبرنامج، سيندي ماكين، إن “الفجوة بين ما يحتاج إليه البرنامج وما يمكن تنفيذه لم تكن أوسع مما هي عليه اليوم”، محذّرة من أن “العالم قد يخسر عقوداً من التقدّم في مكافحة الجوع إذا لم يُتخذ تحرك عاجل".

وأضاف التقرير أن استمرار تراجع التمويل الدولي سيؤدي إلى “خسارة ملايين الأرواح”، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لتفادي وقوع مجاعة شاملة في مناطق النزاع والفقر.

انزلاق نحو الطوارئ الغذائية

كشف التقرير أن ما يقارب 13.7 مليون شخص إضافي مهددون بالانزلاق من مرحلة الأزمة إلى مرحلة الطوارئ في سلّم انعدام الأمن الغذائي، أي بزيادة تقارب الثلث على المستويات الحالية.

وأوضح أن هذا التدهور “لا يعني فقط مزيداً من الجوع، بل انهياراً متسارعاً في قدرة المجتمعات على الصمود أمام الصدمات المتكررة، وتفاقماً في المعاناة اليومية لملايين الأسر التي تكافح للبقاء".

ويشهد السودان إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، إذ يواجه نحو نصف سكانه –أي نحو 25 مليون شخص– انعداماً حاداً في الأمن الغذائي.

وأوضح التقرير أن المساعدات الإنسانية لا تصل سوى إلى أربعة ملايين شخص فقط شهرياً، ما يترك عشرات الملايين دون دعم غذائي في ظل حرب مستمرة منذ أكثر من عام ونصف، دمّرت البنية التحتية وقطعت سلاسل الإمداد الغذائي.

حصص مخفضة وجوع

في جنوب السودان، تتدهور الأوضاع بسرعة، حيث يتلقى المستفيدون حصصاً غذائية مخفضة بسبب نقص الإمدادات، مع تحذيرات من نفاد بعض المواد الأساسية بحلول نهاية تشرين الأول أكتوبر الجاري.

أما الصومال فالوضع أكثر خطورة، إذ يعاني 4.4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، فيما تجاوزت الفجوة التمويلية 98 مليون دولار. ونتيجة لذلك، سيُخفض عدد المستفيدين من المساعدات من 1.1 مليون إلى 350 ألف فقط، ما يهدد حياة مئات الآلاف، خصوصاً الأطفال.

وأشار التقرير إلى أن جمهورية الكونغو الديمقراطية تواجه تراجعاً مقلقاً في حجم المساعدات التي تقلصت إلى 600 ألف مستفيد فقط بعد أن كانت تصل إلى 2.3 مليون، وسط تحذيرات من توقف كامل للبرامج الإنسانية بحلول شباط فبراير 2026.

وفي هاييتي، توقفت برامج الوجبات الساخنة تماماً، وأصبحت العائلات لا تتلقى سوى نصف الحصة الشهرية المعتادة، مما يزيد من معاناة السكان في ظل الانفلات الأمني والأزمة الاقتصادية الحادة التي تضرب البلاد.

كارثة تهدد الملايين

في أفغانستان، تتفاقم معدلات سوء التغذية والهزال الحاد بين الأطفال والنساء، بينما لا تصل المساعدات الغذائية إلا إلى أقل من 10% من المحتاجين، ما يضع ملايين الأرواح في دائرة الخطر المباشر.

ويحذر التقرير من أن هذه الأرقام “لا تعبّر فقط عن نقص في التمويل، بل عن أزمة إنسانية صامتة تتسع يوماً بعد يوم في ظل غياب الدعم الدولي الكافي”.

ودعا برنامج الأغذية العالمي الدول المانحة والمنظمات الدولية إلى زيادة التمويل الإنساني فوراً لضمان استمرار عملياته في الدول الأكثر تضرراً، مؤكداً أن “كل دولار إضافي يُسهم في إنقاذ حياة إنسان".

مخاوف من مجاعة عالمية

حذرت سيندي ماكين من أن تجاهل هذه الأزمة سيقود إلى “مجاعة عالمية في القرن الحادي والعشرين”، مضيفة أن “إنقاذ الأرواح اليوم هو استثمار في مستقبل أكثر استقراراً وإنسانية".

بهذا التحذير، يضع البرنامج العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية، فبينما تتسع فجوة الجوع يوماً بعد يوم، يبقى التدخل السريع هو الأمل الوحيد لتفادي مأساة إنسانية غير مسبوقة تهدد قارات بأكملها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية